الأعالي، مشروع الرّياضيّات والتّفكير للموهوبين
كلمة د. علي عثمان – مدير المشروع
موضوع الرّياضيّات بجميع فروعه من الحساب والهندسة والتّحليل والمنطق والدّوالّ والعلاقات والمنظومات والقوانين والحسابات الدّقيقة والحسابات التّقريبية والإحصاء والاحتمال والخوارزميّات هو من أعظم أساسات التقدّم العلمي الذي نعيشه ونعيش إنتاجاته. فهو موضوع أساسي ومركزي في العلوم الطبيعية والاقتصادية وعلم الحاسوب وجميع مواضيع الهندسة. إنّ كل صاحب مهنة يحتاج إلى الحساب أو الهندسة، فنجد الكثير من أصحاب المهن مثل النّجّار أو البنّاء أو البلّاط يبحثون عن دورات تكسبهم المعرفة في الرّياضيّات والهندسة حتى يتقدموا بشكل أفضل في مهنهم. وعندما تراقب عمل صاحب مهنة ستلاحظ أنه يستعمل الرّياضيّات بشكل عملي وأنّه يفكر بذكاء رياضي، وعندما تحدث أخطاء في عمله فغالبًا ما يكون الخطأ في الحسابات الهندسيّة أو في خوارزميّة العمل.
كذلك فإنّ الرّياضيّات هو موضوع بالغ الأهمية في تربية الأبناء والمجتمع تربية صالحة وسليمة. يتفق المسؤولون عن التّربية والتعليم في جميع أقطار العالم على أنّ موضوع الرّياضيّات هو موضوع بالغ الأهمية في بناء الإنسان ليفكّر بشكل موضوعي ومنطقي، يصغي لغيرة ويحسن التفكير في الأمور التي يسمعها بعمق، يحترم النقاش مع النّاس ويحاور بموضوعية. لذلك فهو من المواضيع الرئيسية التي يجب على كل تلميذ أن يتعلمها من الروضة حتى المرحلة الثانوية. لا يمكن للطّالب الانتساب إلى الجامعات أو الكليات إن لم يحصل على علامة نجاح في الرّياضيّات. قد لا يحتاج الطالب إلى الحساب أو الهندسة في دراساته، ولكن بالتأكيد هو بحاجة للتفكير الرياضي الذي يكتسبه خلال تعلمه منذ الصغر. هذا التفكير الذي يجعله يركّز في البحث عن أنفع السبل لتحقيق أهدافه السّامية، يفحص الأمور من جميع الجوانب فيتجنب الأخطاء ويختار الأجدى.
هناك الرياضة وهي الرياضة الجسمية التي لا يختلف اثنان على أهميتها في بناء إنسان سليم وأمّا الرّياضيّات فهي الرياضة العقلية التي تهذّب النّفس وتطور الفكر وتوجه للإبداع. كما عملت وتعمل المباريات الرياضية على تطور الرياضة وعلى تحسين الحياة الاجتماعية والعلاقات الدولية وتهذّب الأخلاق وتلطّف الأجواء في المجتمع، آمنت بأنّ إقامة المسابقات في الرياضة العقلية تفيد كثيرًا في تحقيق الكثير من الأهداف التعليمية والتربوية والاجتماعية. كما في مسابقات الرياضة هو الحال في مسابقات الرّياضيّات، فلا يمكن أن يذهب المتسابقون الى مباراة بدون استعداد متواصل على مدار فترة طويلة من الزمن، وبعد المباراة يعودون ليستأنفوا استعداداتهم من جديد للمباراة القادمة، هكذا نريد أن يكون المتسابق في مسابقات الرّياضيّات في مشروع الأعالي، مشروع الرّياضيّات والتّفكير للموهوبين. فقد أعددنا الموادّ التي تحفّز على التفكير، فيها الكثير من التحديات، فيها الكثير من الإثارة، فيها الكثير من المنطق الرّياضي والمنطق الكلامي. هذه الموادّ نضعها أمام الطالب ليتدرّب عليها وليعدّ نفسه للمسابقة بشكل كبير، يتعاون مع زملائه ومع أهله، يتعاون الأهالي مع بعضهم، يستعينون بالمعلمين وبكل من هم على دراية في الموضوع، ويتصلون بمرشدين من قبلنا في مكتب المشروع. ثمّ يتقدمون إلى مسابقة أولى محوسبة تسبقها تدريبات محوسبة في الكثير من النماذج المشابهة لأسئلة الكتاب ذات مبنى يشبه أسئلة امتحانات فحص الذّكاء، ومسابقة نهائية في موادّ محددة من كتاب المشروع (لكل صفّ الكتاب المناسب له). إن الأجواء التي تخلقها المسابقات في آلاف البيوت في مجتمعنا هي أجواء تربوية وتعليمية، أجواء التفكير وتفكّر، واستنتاج وبرهان وإثبات أو تفنيد. يتدرّب التّلاميذ المشاركون بالمسابقات على حلّ المسائل وحل الألغاز والاستنتاج، وكتابة حلولهم واستنتاجاتهم وتوقعاتهم بشكل سليم وواضح. هذا المشروع يصبّ في مصلحة بناء مجتمع، العلم والتعليم أهم ما في منظومة قيمه وأولوياته.
يجري المشروع في جميع مناطق البلاد، من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب ومدينة القدس وضواحيها. يحظى المشروع بثقة مديري المدارس ومعلمي الرّياضيّات والأهالي والتّلاميذ، بفضل الموادّ التعليمية التي أعمل على تطويرها وتحسينها من عام إلى عام.
المشروع معدّ للتلاميذ المتفوقين وللتلاميذ الذين يرغبون في تحسين مستواهم في الرّياضيّات والتّفكير من الصف الثاني حتى الصف التّاسع. فقد وجدنا أن من الضروري العمل على تطوير التفكير الحسابي للتلاميذ المتفوقين في المرحلة التأسيسية ليحبوا الرّياضيّات وحلّ المسائل وليرغبوا في التحديات، وليرغب الأهل من حولهم في حل المسائل والأحاجي، فيزداد حبّ الأبناء في موضوع الرّياضيّات واللغة الرياضية المنطقية، ليرقى مجتمعنا وتتحسن أحواله ويسمو.
إنّنا نرغب في أن يرافق الأهالي والمعلمون أبناءهم ويشجعوهم على خوض المسابقة، فهم يريدون لأبنائهم النجاح والتفوّق، بذلك فهم يشعرونهم بأهمية ما يقدمون عليه، فيعلم التّلاميذ القيمة العظيمة للنّجاح في الرّياضيّات على مستقبلهم التعليمي والمهني.
إنّ الأهداف المركزيّة التي نصبو إليها من خلال هذا المشروع هي: ترغيب التّلاميذ والأهالي والمعلمين في الرّياضيّات وشحذ الأذهان باتجاه التّفكير الرّياضي الصحيح، والتوجيه نحو الاقتناع بأهمية موضوع الرّياضيّات في بناء الإنسان المفكّر والمبدّع والخلّاق، الإنسان الذي يفكّر تفكيرًا منطقيًّا بمنهجية وموضوعية، ويفكّر أيضًا تفكيرًا حرًّا مستقلًا على أسس رياضية سليمة.
مع أطيب التّحيات. د.علي عثمان
مؤسس المشروع د. علي عثمان